فصل: الفوائد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ} الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء عاطفة على محذوف تقديره كنتم تقولون للوحي هذا سحر أفسحر هذا يريد أهذا المصداق أيضا سحر وقد أفادت الفاء هذا المعنى، وسحر خبر مقدم و{هذا} مبتدأ مؤخر و{أم} يجوز أن تكون منقطعة بمعنى بل لأن الكلام تم عند قوله: {أفسحر هذا} ثم قال: {أم أنتم} أي بل أنتم {لا تبصرون} ويجوز أن تكون متصلة أي ليس شيء منهما ثابتا فثبت أنكم قد بعثتم وأن الذي ترونه حق فهو تقريع شديد وتهكم فظيع، و{أنتم} مبتدأ وجملة {لا تبصرون} خبر.
{اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ} فعل أمر وفاعل ومفعول به والفاء عاطفة واصبروا فعل أمر وفاعل و{أو} حرف عطف و{لا} ناهية و{تصبروا} فعل مضارع مجزوم بلا و{سواء} خبر لمبتدأ محذوف أي صبركم وتركه سواء و{عليكم} متعلقان بسواء ونحا الزمخشري إلى إعرابها مبتدأ خبره محذوف أي سواء عليكم الأمران وتبعه أبو حيان ولا مانع من ذلك لأن ما في سواء من معنى التسوية أفادها فائدة سوّغت إعرابها مبتدأ.
{إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} {إنما} كافّة ومكفوفة و{تجزون} فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل و{ما} اسم موصول مفعول به ثان وجملة {كنتم تعملون} صلة وكان واسمها وجملة {تعملون} خبرها وجملة {إنما تجزون} تعليلية للاستواء.

.البلاغة:

1- الاستعارة التصريحية في قوله: {الذين هم في خوض يلعبون}:
الأصل في الخوض أن يكون في الماء يقال خاض الماء: دخله ثم غلب على الخوض في الباطل وغيره، شبّه الكذب والاندفاع في الباطل بلجة يخوضها اللاعب، يقال خاض الغمرات أي اقتحمها وخاض في الحديث أفاض فيه وخاض الجواد في الميدان مرح ويقال أنه يخوض المنايا أي يلقي نفسه في المهالك وهو يخوض الليل أي يتخبط فيه غير مكترث بالأهوال، وفي اللغة أسماء غلبت عليها معان خاصة كالإحضار فإنه عام في كل شيء ثم غلب على الاستعمال في الإحضار للعذاب قال تعالى: {لكنت من المحضرين} ونظيره في الأسماء الغالبة دابة فإنها غلبت في ذوات الأربع والقوم غلب في الرجال والاستعارة هنا تصريحية.
2- التنكير: ونكر كتاب في قوله: {وكتاب مسطور} لأنه كتاب مخصوص من بين جنس الكتب كقوله: {ونفس وما سواها}.
3- الالتزام: وفي قوله: {والطور وكتاب مسطور} فن الالتزام وقد تقدمت الإشارة إليه فقد جاءت الطاء قبل واو الردف لازمة.

.[سورة الطور: الآيات 17- 28]:

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شيء كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (21) وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْسًا لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ (23) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (25) قالوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)}.

.اللغة:

{فاكِهِينَ} ناعمين متلذذين وقال الزجّاج والفرّاء: {فاكهين} معجبين بما آتاهم ربهم وفي المختار: فكه الرجل من باب سلم فهو فكه إذا كان طيب النفس مزاجا والفكه أيضا البطر الأشر وقرئ {ونعمة كانوا فيها فكهين} أي أشرّين وفاكهين أي ناعمين والمفاكهة الممازحة وتفكّه تعجب وقيل تندم قال اللّه تعالى: {فظلتم تفكهون} أي تندمون وتفكّه بالشيء تمتع به.
{بِحُورٍ} الحور: جمع حوراء من الحور وهو شدّة بياض العين في شدة سوادها.
{عِينٍ} العين: جمع عيناء وهو الواسعة العينين.
{أَلَتْناهُمْ} نقصناهم وفي المصباح ألت الشيء ألتا من باب ضرب نقص ويستعمل متعديا أيضا فيقال ألته.
{السَّمُومِ} النار لدخولها في المسام وهي في الأصل الريح الحارّة تتخلل المسام والجمع سمائم وقال ثعلب: السموم شدّة الحر وشدّة البرد في النهار وقال أبو عبيدة: السموم بالنهار وقد يكون بالليل والحرّ بالليل وقد يكون بالنهار. وقيل أصل السموم من السم الذي هو مخرج النفس فكل خرق سم أو من السم الذي يقتل.

.الإعراب:

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ} {إن} واسمها و{في جنات} خبرها و{نعيم} عطف على {جنات} والكلام مستأنف مسوق لزفّ البشرى للمتقين ويجوز أن يكون تتمة المقول للكفّار زيادة في إغاظتهم وإدخال الحسرة إلى قلوبهم.
{فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ} {فاكهين}: حال و{بما} متعلقان بفاكهين وما موصولة واقعة على الفواكه التي في الجنة أي متلذذين بفاكهة الجنة ويجوز أن تكون الباء بمعنى في أي فيما آتاهم من الثمار وغير ذلك ويجوز أن تكون ما مصدرية أيضا و{آتاهم ربهم} فعل ماض ومفعول به مقدم وفاعل مؤخر {ووقاهم} عطف على الصلة أي فاكهين بإيتاء ربهم وبوقايتهم له عذاب الجحيم ويجوز أن تكون الواو حالية فتكون الجملة في محل نصب على الحال وقد مقدّرة عند من يشترط اقترانها بالماضي الواقع حالا وأجاز الزمخشري أن تكون معطوفة على {جنات} و{عذاب الجحيم} مفعول به ثان.
{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} الجملة مقول قول محذوف و{هنيئا} حال أو مفعول مطلق فتكون بمعنى المصدر، وقد تقدم الكلام مشبعا على {هنيئا} في سورة النساء، و{بما} متعلقة بكلوا أو {اشربوا} وجملة {كنتم} صلة وكان واسمها وجملة {تعملون} خبر {كنتم}، وأجاز الزمخشري أن تكون الباء زائدة وما فاعل {هنيئا} ولكن زيادة الباء ليست مقيسة إلا في فاعل كفى وقد أنكر عليه أبو حيان ذلك.
{مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} {متكئين} حال من الضمير المستكن في قوله: {في جنات} أي كائنون في جنات حال كونهم متكئين أو من فاعل {كلوا} أو من مفعول {آتاهم} أو من مفعول {وقاهم} و{على سرر} متعلقان بمتكئين و{مصفوفة} نعت لسرر والواو حرف عطف و{زوّجناهم} فعل وفاعل ومفعول به و{بحور} متعلقان بزوّجناهم و{عين} نعت لحور.
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} في الواو ثلاثة أقوال نسردها فيما يلي ثم نبيّن مواضع الرجحان:
1- استئنافية و{الذين} مبتدأ والخبر جملة {ألحقنا بهم ذريتهم} وعليه أكثر المفسرين والمعربين.
2- قال أبو البقاء: منصوب بفعل محذوف على تقدير وأكرمنا الذين آمنوا.
3- قال الزمخشري: {والذين آمنوا} معطوف على حور عين أي قرناهم بالحور وبالذين آمنوا أي بالرفقاء والجلساء منهم كقوله تعالى: {إخوانا على سرر متقابلين} فيتمتعون تارة بملاعبة الحور وتارة بمؤانسة الإخوان المؤمنين. وقد ردّ أبو حيان على الزمخشري فقال: ولا يتخيل أحد أن قوله: {والذين آمنوا} معطوف على بحور عين غير هذا الرجل وهو تخيل أعجمي مخالف لفهم العربي ونحن لا نتردد في مشايعة أبي حيان في ردّه.
و جملة {آمنوا} صلة {الذين} {واتبعتهم ذريتهم} عطف على {آمنوا} و{بإيمان} حال من {ذريتهم} أي حال كون الذرية ملتبسة بإيمان وجملة {ألحقنا بهم ذريتهم} خبر {الذين}.
{وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شيء كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ} الواو حرف عطف و{ألتناهم} فعل وفاعل ومفعول به و{من عملهم} حال و{من} حرف جر زائد و{شيء} مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول ثان و{كل} مبتدأ و{امرئ} مضاف إليه، و{بما} الباء حرف جر وما موصولة أو مصدرية والجار والمجرور متعلقان برهين و{رهين} خبر {كل}.
{وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} {وأمددناهم} عطف على ما تقدم و{بفاكهة} متعلقان بأمددناهم {ولحم} عطف على فاكهة و{مما} صفة وجملة {يشتهون} صلة الموصول.
{يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْسًا لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ} الجملة مستأنفة وقيل نصب على الحال من مفعول {أمددناهم} و{يتنازعون} فعل مضارع وفاعل و{فيها} متعلقان بيتنازعون و{كأسا} مفعول به و{لا} نافية للجنس أهملت لتكررها و{لغو} مبتدأ خبره {فيها} {ولا تأثيم} عطف عليه وسوغ الابتداء به تقدّم النفي عليه، ومعنى يتنازعون الكأس يتجاذبونها تجاذب ملاعبة إذ أهل الدنيا لهم لذة في ذلك، وقيل معنى يتنازعون يتعاطون قال الأخطل:
نازعته طيب الراح الشمول وقد ** صاح الدجاج وحانت وقعة الساري

{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} الواو حرف عطف و{يطوف} فعل مضارع مرفوع و{عليهم} متعلقان بيطوف و{غلمان} فاعل {يطوف} و{لهم} صفة لغلمان وكأن واسمها و{لؤلؤ} خبرها و{مكنون} صفة {لؤلؤ} وجملة {كأنهم} صفة ثانية.
{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ} الواو حرف عطف و{أقبل بعضهم} فعل وفاعل و{على بعض} متعلقان بأقبل. وجملة {يتساءلون} حال.
{قالوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ} {قالوا} فعل وفاعل وإن واسمها وجملة {كنّا} خبرها وجملة {إنّا كنّا} مقول القول و{قبل} ظرف مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة لفظا لا معنى والظرف متعلق بمحذوف حال و{مشفقين} خبر {كنّا}.
{فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ} الفاء حرف عطف و{منّ اللّه} فعل وفاعل و{علينا} متعلقان بمنّ {ووقانا} عطف على منّ و{عذاب السموم} مفعول به ثان.
{إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} إن واسمها وكان واسمها و{من قبل} حال وجملة {ندعوه} خبر {كنّا} وجملة {كنّا} خبر إنّا وإن واسمها و{هو} ضمير فصل أو عماد و{البرّ الرحيم} خبران لإنه وجملة {إنه} تعليلة لا محل لها.

.البلاغة:

التشبيه المرسل المجمل: في قوله: {كأنهم لؤلؤ مكنون} تشبيه مرسل مجمل، شبّه الغلمان باللؤلؤ المكنون في الأصداف لأنه أحسن وأصفى أو لأنه مخزون ولا يخزن إلا الثمين الغالي القيمة وصدف الدرّ غشاؤه الواحدة صدفة مثل قصبة وقصب.

.الفوائد:

إذا تكررت لا النافية للجنس جاز فيها خمسة أوجه:
1- بناء الاسمين على أنها عاملة عمل إن في كليهما نحو: لا حول ولا قوة إلا باللّه.
2- رفعهما على أنها مهملة فما بعدها مبتدأ وخبر نحو: لا لغو فيها ولا تأثيم. وقول الحطيئة:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ** زغب الحواصل لا ماء ولا شجر

3- بناء الأول على الفتح ورفع الثاني كقول أبي الطيب:
لا خيل عندك تهديها ولا مال ** فليسعد النطق إن لم تسعد الحال

4- رفع الأول وبناء الثاني على الفتح نحو:
فلا لغو ولا تأثيم فيها ** وما فاهوا به أبدا مقيم

5- بناء الأول على الفتح ونصب الثاني بالعطف على محل اسم لا نحو:
لا نسب اليوم ولا خلة ** اتسع الخرق على الراقع

.[سورة الطور: الآيات 29- 38]:

{فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (29) أَمْ يَقولونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (32) أَمْ يَقولونَ تَقولهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (34) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شيء أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (38)}.

.اللغة:

{الكاهن} الذي يذكر أنه يخبر عن الحق عن طريق العزائم، والكهانة صفة الكاهن.
{نَتَرَبَّصُ} التربص الانتظار بالشيء من انقلاب حال له إلى خلافها.
{الْمَنُونِ} المنيّة والموت من منّه إذا قطعه لأن الموت قطوع، وريبها: الحوادث التي تريب عند مجيئها قال:
تربص بها ريب المنون لعلها ** سيهلك عنها بعلها أو سيجنح

{أَحْلامُهُمْ} عقولهم والأحلام جمع الحلم وهو الإمهال الذي يدعو إليه العقل والحكمة وفي القاموس: والحلم بالكسر الأناة والعقل والجمع أحلام وحلوم ومنه: أم تأمرهم أحلامهم بهذا.
{الْمُصَيْطِرُونَ} جمع المسيطر وهو الغالب القاهر من سيطر عليه إذا راقبه وحفظه أو قهره، وحكى أبو عبيدة سيطرت عليّ إذا اتخذتني خولا، ولم يأت في كلام العرب اسم على مفيعل إلا خمسة ألفاظ: مهيمن ومحيمر ومبيطر ومسيطر ومبيقر فالمحيمر اسم جبل والبواقي أسماء فاعلين، وفي الصحاح: المسيطر والمصيطر المسلط على الشيء ليشرف عليه ويتعهد أمواله ويكتب عمله وأصله من السطر لأن الكتاب يسطر.

.الإعراب:

{فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ} الفاء الفصيحة وذكر فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت والفاء تعليلية وما نافية حجازية و{أنت} اسمها و{بنعمة ربك} يجوز في هذا الجار والمجرور أن يتعلق بما في ما من معنى النفي فتكون الباء للسببية وهذا أرقى الأوجه والمعنى انتفت عنك الكهانة والجنون بسبب نعمة ربك عليك كما تقول: ما أنا بمعسر بحمد باللّه وغناه وقال أبو البقاء إن الباء في موضع نصب على الحال والعامل فيها بكاهن أو مجنون والتقدير ما أنت كاهنا ولا مجنونا حال كونك ملتبسا بنعمة ربك وعلى هذا فهي حال لازمة والباء للملابسة وقيل الباء للقسم ونعمة ربك مقسم به متوسط بين اسم ما وخبرها فتتعلق بفعل محذوف تقديره أقسم والجواب محذوف والتقدير ونعمة ربك ما أنت بكاهن ولا مجنون وهو أضعفها.
{أَمْ يَقولونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} {أم} منقطعة بمعنى بل وقد ذكرت هنا خمس عشرة مرة وكلها إلزامات ليس للمخاطبين بها جواب عنها، و{يقولون} فعل مضارع مرفوع و{شاعر} خبر لمبتدأ محذوف وجملة {نتربص به} صفة لشاعر و{به} متعلقان بنتربص و{ريب المنون} مفعول به.
{قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} {قل} فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت و{تربصوا} فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والفاء تعليل للأمر المقصود به التهديد وإن واسمها و{معكم} ظرف متعلق بمحذوف حال و{من المتربصين} خبر إني وجملة {تربصوا} مقول القول.
{أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ} {أم} حرف عطف بمعنى بل وقد تقدم القول فيها و{تأمرهم} فعل مضارع ومفعول به مقدّم و{أحلامهم} فاعل و{بهذا} متعلقان بتأمرهم و{أم} عاطفة و{هم} مبتدأ و{قوم} خبر و{طاغون} نعت.